الوفاق الرمضاني – العدد 8 | الرد على شبهة أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم جاء بالإسلام للعرب فقط وليس ديناً عالمياً


ملحق الوفاق الرمضاني – العدد الثامن في شهر رمضان 1446 هجري – 2025 م
الشبهات التي تطعن في الإسلام والردود عليها (8)
مقدمة
يتعرض الإسلام منذ اللحظات الأولى لظهوره – ولا يزال حتى اليوم – للهجوم وإثارة الشبهات حوله والتشكيك في عقائده وتعاليمه، والواقع يبين لنا أن الشبهات التي تثار ضد الإسلام منذ ظهر وحتى اليوم هي شبهات مكررة ولا تختلف مع بعضها إلا في الصياغة أو محاولة إعطائها صبغة علمية. ومواجهة تلك الشبهات تكون ببذل جهود علمية مضاعفة من أجل توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، ونشر ذلك على أوسع نطاق خاصة في عصر ثورة المعلومات والاتصالات والاستخدام المتزايد لشبكة الاتصالات الدولية “الإنترنت “، وقد نهض مفكرو الإسلام – في فترات مختلفة – بالقيام بواجبهم في الرد على هذه الشبهات كل بطريقته الخاصة وبأسلوبه الذي يعتقد أنه السبيل الأقوم للرد.
وتعميما للفائدة، ستواصل صحيفة ” الوفاق” خلال شهر رمضان المبارك، نشر الردود على كل شبهة من هذه الشبهات المثارة، والتي تتردد في عصرنا بشكل أو بآخر، من خلال عرض ما جاء في بعض المراجع منها كتاب ” حقائق إسلامية في مواجهة حملات التشكيك ” للدكتور محمود حمدي زقزوق، وهو من إصدار المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف في مصر بتاريخ المحرم ١٤٢٢هـ – أبريل ٢٠٠١م . وكتاب” مختارات من كتاب حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين” – إشراف وتقديم د . محمود حمدى زقزوق – وزارة الأوقاف – القاهرة – بدون تاريخ. وكتاب ” في جولة مع المستشرقين ” – للأستاذ عبد الخالق سيد أبو رابية – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – القاهرة 1976. ونأمل أن يسهم نشرنا لهذه الردود في توضيح الصورة الحقيقية للإسلام وإزالة بعض ما علق بالأذهان من سوء فهم لتعاليمه وعقائده، والله من وراء القصد.
ثانيا – الردود على الشبهات التي تطعن في النبي محمد صلى الله عليه وسلم
الشبهة الرابعة – يزعمون أن النبي محمد جاء بالإسلام للعرب فقط وليس دينا عالميا
ينكر بعض غلاة المستشرقين أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يقصد في بادئ الأمر أن يكون الإسلام دينا عالميا وان عالمه الذي كان يفكر فيه إنما كان بلاد العرب ، كما أن هذا الدين الجديد لم يهيأ الا لها ، وأن محمدا لم يوجه دعوته منذ أن بعث الى أن مات الا للعرب دون غيرهم )
الرد على الشبهة:
1-عندما أعلن محمد صلى الله عليه وسلم دعوته على الناس في أول إعلان له على الإطلاق قال لهم: إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة .. وهذا يعنى أنه دين جاء لكل البشرية منذ أول لحظة. فالإسلام لم يقدمه النبي في وقت من الأوقات على أنه دين عربي، ولكن بوصفه دينا عالميا لكل البشر. ويؤكد ذلك في حديث آخر حيث يقول: [وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة] رواه البخاري في مواضع عديدة .
2-المتتبع لآيات القرآن الكريم يستطيع أن يتبين بوضوح أن القرآن يدعو الناس كل الناس – إلى دين الله. وهذه الصفة العالمية واضحة كالشمس في آياته العديدة التي نزلت في مكة قبل الهجرة: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) سورة الأنبياء الآية 107. والسورة التي يفتتح بها القرآن وهي سورة الفاتحة تبدأ بقوله : ( الحمد لله رب العالمين ). وهي سورة نزلت في مكة قبل الهجرة النبوية وقبل أن يكون للمسلمين دولة في المدينة. وقوله تعالى: ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) [ الأعراف : 158 ] . و قوله تعالى (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) [ الفرقان : 1 ] . وقوله تبارك وتعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا {سبأ:28}.
3-ومما يؤيد دعوى عالمية الرسالة المحمدية “رسائل النبي عليه السلام الى الملوك والأمراء”، في السنة السادسة للهجرة : هرقل امبراطور الروم ، و كسرى فارس و نجاشى الحبشة ، و المقوققس عامل هرقل على مصر ، وهوذة بن على الحنفى أمير بلاد اليمامة والحارث بن أبي شمر الغساني ، والمنذر بن ساوى أخي بني القيس صاحب البحرين ، وجيفر وعباد بن الجلندي .
4-ويؤيد أيضا دعوى عالمية الرسالة المحمدية قول النبي عليه السلام متنبئا أن بلالا (أول ثمار الحبشة ) وأن صهيبا ” أول ثمار الروم” . وكذلك ما قاله عن سلمان الذي كان أول من أسلم من الفرس، وكان عبدا نصرانيا بالمدينة، اعتنق الإسلام فى السنة الأولى من الهجرة وبلغ من اعزاز الرسول له أنه كان يردد دائما “سلمان منا آل البيت “. وهكذا صرح الرسول محمد فى وضوح وجلاء أن الإسلام ليس مقصورا على الجنس العربي قبل أن يدور بخلد العرب أي شيء يتعلق بحياة الفتح والغزو بزمن طويل.
جريدة الوفاق – السنة الأولى (العدد 225 ) – الأحد 9 رمضان 1446 هجري- 9 مارس 2025
