تذبذب أسعار النفط نتيجة التقلبات الجيوسياسية في مناطق النفط

يترقب أسواق النفط وتجار النفط والمستثمرون فيه خطوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما يخص حرب روسيا في أوكرانيا، وما إذا كان ترامب سيهاجم عسكريًا فنزويلا، أو إذا كان سيبدأ التفاوض مع إيران. لقد اقترب سعر برميل البرنت من 63 دولارًا بعد أن قال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد مع المبعوثين الأمريكيين محادثات مفيدة للغاية دون التوصل إلى خطة لإنهاء النزاع في أوكرانيا.
بقي السعر مرتفعًا قليلًا بعد أن انتشرت أخبار عن احتمال ضربة أمريكية على فنزويلا. فنزويلا بلد نفطي وعضو في أوبك، مهم من حيث الاحتياطي النفطي الذي يمثل حوالي 18٪ من الاحتياطي النفطي العالمي، ولكن صادرات البلاد من النفط انخفضت إلى أقل من مليون برميل في اليوم في 2025 بسبب العقوبات والأوضاع الداخلية.
أما روسيا فهي أيضًا بلد نفطي كبير وعضو في تحالف أوبك+، واحتمال عمل ترامب على إيقاف الحرب بين أوكرانيا وروسيا قد يؤدي إلى رفع العقوبات عن روسيا إذا نجح في ذلك، لكن يبدو أن التفاوض سيكون طويلاً بشأن الحل. على كل حال، إذا تم ذلك واستطاعت روسيا أن تعاود تصدير نفطها دون التخفيضات التي تقدمها لدول مثل الصين والهند، حيث تخفض بحوالي 18 دولارًا على سعر البرميل لهتين الدولتين، فليس مؤكدًا أن تتمكن من الاستمرار في بيع 80٪ من نفطها إذ ستواجه منافسة نفوط الخليج والدول الشرق أوسطية مثل العراق.
هناك فائض قليل من النفط في الأسواق العالمية، ما جعل تحالف أوبك+ يمتنع في اجتماعه الأخير عن زيادة الإنتاج لاستكمال استعادة التخفيضات الماضية للتحالف. فأسعار النفط ستبقى حوالي 62 دولارًا لبرميل برنت أو أقل في الأسابيع المقبلة. لكن انخفاض المخزون الاستراتيجي الأمريكي من النفط في فترة أسعار منخفضة قد يساهم في إعادة بناء المخزون الأمريكي وسحب كميات النفط الفائضة في الأسواق.
الأحداث الجيوسياسية قد تكون أكثر تأثيرًا على سعر النفط إذا قرر ترامب ضرب فنزويلا، كونه قال إن احتمال عملية عسكرية على فنزويلا قد يكون قريبًا جدًا، فلا شك أن ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع طفيف في الأسعار رغم الفائض النفطي الموجود في الأسواق. فنزويلا بلد نفطي مهم، وقد يكون للتغيير السياسي فيها أثر كبير على سعر النفط.
على صعيد آخر، إذا قررت الولايات المتحدة التفاوض مع إيران، وهي دولة نفطية مهمة، قد يأخذ التفاوض وقتًا طويلًا قبل رفع العقوبات عن صادرات إيران النفطية بسبب تعقيدات الملفات النووية والإقليمية المرتبطة بإيران.
أسعار النفط افتقرت إلى اتجاه واضح في الأيام الأخيرة. سعر برميل البرنت بقي تقريبًا دون تغيير في نطاق منخفض عند حدود 60 دولارًا خلال الأسبوع الماضي، بالتزامن مع استمرار محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا واحتمال ضربة أمريكية على فنزويلا.
إن مستوى أسعار النفط الحالي بحوالي 60 دولارًا بعيد عن المستوى المنشود لميزانيات الدول النفطية، التي تحتاج إلى مستوى على الأقل 90 إلى 95 دولارًا لموازناتها. فمثلاً، صادقت السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط، على ميزانية 2026 بعجز يبلغ نحو 44.1 مليار دولار، ما جعل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يوجّه بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته ميزانية 2026 لتحقيق رؤية 2030 للتنويع الاقتصادي.
إن التقلبات والأحداث السياسية في دول نفطية كبرى مثل روسيا وفنزويلا مؤثرة على أسعار النفط، وتؤدي إلى صعوبة في توقع أي اتجاه سيأخذه مستوى الأسعار في المرحلة الراهنة والمقبلة.



