زهران ممداني.. أول مسلم وأصغر عمدة لـ«نيويورك»

فاز زهران ممداني، وهو اشتراكي ديمقراطي يبلغ من العمر 34 عاماً، في سباق رئاسة بلدية مدينة نيويورك، متوجاً صعوداً مذهلاً من نائب غير معروف في الولاية إلى أحد أكثر الديمقراطيين شهرة في البلاد.
وزهران ممداني، هو سياسي أميركي من أصول هندية، اشتهر بمواقفه التقدمية ودعمه للتيار الاشتراكي الديمقراطي داخل الحزب الديمقراطي، إضافة إلى تأييده القضية الفلسطينية.
وُلد زهران كوامي ممداني يوم 18 أكتوبر 1991 في العاصمة الأوغندية كمبالا، وانتقل مع عائلته وهو في سن الخامسة إلى مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، ثم إلى مدينة نيويورك الأميركية بعد عامين، وفقاً لـ«الجزيرة».
هو نجل الأكاديمي الهندي محمود ممداني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا، والمخرجة الشهيرة ميرا ناير، صاحبة أفلام «ميسيسيبي ماسالا» و«زفاف في موسم الأمطار».
وتأثر ممداني بتجربة والده الفكرية وأعمال والدته الفنية، ليوجّه لاحقاً بوصلته نحو القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تمس الفئات المهمشة.
نال ممداني الجنسية الأميركية عام 2018، وتزوج في عام 2025 من الفنانة التشكيلية السورية راما دواجي.
تلقى ممداني تعليمه الأولي في المدارس العامة بمدينة نيويورك، وتخرج في مدرسة برونكس الثانوية للعلوم، ثم حصل عام 2014 على البكالوريوس في الدراسات الأفريقية من كلية بودوين.
يتقن ممداني لغات عدة، منها الإنجليزية والسواحيلية والهندية، مما ساعده في التواصل مع شريحة واسعة ومتنوعة من سكان منطقته.
شارك أثناء دراسته الثانوية في تأسيس أول فريق كريكيت في مدرسته، وكانت ممارسته السياسية آنذاك تقتصر على منشورات مطولة على فيسبوك.
وفي المرحلة الجامعية، شارك في تأسيس أول فرع لحركة «طلاب من أجل العدالة في فلسطين»، وأسهم في تنظيم حملات وطنية بالتعاون مع منظمات تقدمية، هدفت إلى دعم مرشحين يساريين وتوسيع نطاق التأمين الصحي في الولايات المتحدة.
قبل دخوله عالم السياسة، نال ممداني شهرة واسعة في مجال موسيقى الراب واشتهر باسمه المستعار «السيد هيل» ثم انخرط مبكرا في العمل الميداني ونشط في الحملات التي تطالب بإصلاح قوانين السكن وإلغاء ديون الطلاب.
وعمل ممداني مستشارا في مجال منع حجز المساكن، وهي الوظيفة التي دفعته للترشح لمنصب عام، إذ أدرك أن أزمة السكن لم تكن حالة طبيعية بل نتيجة سياسات متعمدة اتخذت على مر الزمن.
انضم عام 2017 إلى حركة «الاشتراكيون الديمقراطيون في أميركا»، وهي أكبر منظمة اشتراكية في البلاد، تسعى لترسيخ الحضور العلني للاشتراكية الديمقراطية في المجتمعات والسياسة الأميركية.
وفي عام 2020، فاز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وأصبح عضوا في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك عن الدائرة 36 في منطقة أستوريا، ليكون ثالث مسلم يتولى هذا المنصب.
عُرف ممداني بانتقاده الشديد لسياسات إسرائيل، إذ وصف حربها على قطاع غزة بـ«الإبادة الجماعية»، وفي عام 2021، كان أحد الأصوات القليلة في الجمعية التشريعية التي طالبت بوقف تمويل الشرطة التي تتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
كما شارك في فعاليات مناصرة لفلسطين في نيويورك، وصوّت لاحقا ضد تشريعات يرى أنها تقيّد حرية التعبير الداعمة لحركة المقاطعة «بي دي إس».
ودعا ممداني في أعقاب الحرب على قطاع غزة عام 2021 إلى وقف غير مشروط للعنف الإسرائيلي ضد المدنيين، وقال إن العدالة لا يمكن أن تتحقق في نيويورك في وقت نغض فيه الطرف عن الظلم في فلسطين.
وأكسبته هذه المواقف شعبية واسعة بين الناخبين المسلمين في نيويورك، لكنها في المقابل أثارت انتقادات شديدة من جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل.
في أكتوبر 2024، أعلن زهران ممداني ترشحه لمنصب عمدة مدينة نيويورك، ورفعت حملته الانتخابية شعار «نيويورك التي يمكن تحملها».
وركزت الحملة على 3 أولويات رئيسية، هي وقف ارتفاع الإيجارات وتوفير وسائل نقل عام مجانية وفرض ضرائب على الشركات الكبرى لتمويل الخدمات الأساسية.
وحظيت حملة ممداني الانتخابية بتأييد واسع من التيار الديمقراطي الاشتراكي داخل الحزب الديمقراطي، وخاصة من السيناتور بيرني ساندرز والنائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز.
في المقابل، أثار ترشح أول مسلم لمنصب عمدة نيويورك رعب الجماعات المؤيدة لإسرائيل بحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وأخضع ممداني لتمحيص مكثف على خلفية مزاعم «معاداته للسامية»، في ظل وجود ما يقارب مليون يهودي في المدينة.
وفي 25 يونيو 2025، فاز ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لرئاسة بلدية نيويورك، بعد إقرار منافسه الرئيسي، حاكم الولاية السابق أندرو كومو بالهزيمة.
وبعد فرز أكثر من 95% من الأصوات، تصدر ممداني السباق بنسبة تفوق 43% مقابل %36 لكومو.



