انطلاق أعمال المؤتمر الخليجي الأول لـ مستقبل التعاون القضائي والعدلي والتشريعي
بورسلي: تطوير قدرات القضاة ومعاونيهم لعدالة سريعة وناجزة تصون الحقوق وتذود عن الحريات

انطلقت اليوم الثلاثاء أعمال المؤتمر الخليجي الأول بعنوان مستقبل التعاون القضائي والعدلي والتشريعي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تستضيفه الكويت بحضور رؤساء المحاكم العليا والتمييز في دول المجلس.
وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز المستشار د.عادل بورسلي في كلمة له إن هذا المؤتمر: «تجسيد حي وعملي للرؤى السديدة والتوجيهات الحكيمة لقادة دول المجلس نحو توثيق وتعزيز سبل العمل الخليجي المشترك في كافة المجالات وترسيخ أهمية الوحدة والتكامل في جميع النشاطات طمعا في بلوغ تطلعات رؤساء المحاكم العليا والتمييز نحو بناء منظومة قضائية وتشريعية قادرة على مواكبة التطورات الدولية والإقليمية المتسارعة وصون العدالة وتحقيق الأمن القانوني بدول المجلس».
وأضاف المستشار د.بورسلي ان المؤتمر «يطمح إلى بلوغ تطلعات رؤساء المحاكم العليا والتمييز نحو تعميق متطلبات العدل والقسطاس وتعزيز العدالة بما يلائم ويواكب التطورات والمتغيرات العالمية في خدمة التقاضي ويدفع نحو تطوير قدرات القضاة ومعاونيهم ابتغاء لعدالة سريعة وناجزة تختصر الوقت وتصون الحقوق وتحافظ على المكتسبات وتذود عن الحريات».
وذكر أن المحاور الرئيسية للمؤتمر حددت أهم التحديات والمستجدات التي تواجه المنظومة القضائية والعدلية في دول مجلس التعاون، مؤكدا ان الهدف الأسمى يتمثل في الخروج بفوائد عملية وعلمية بشأن المسائل المدرجة على جدول الأعمال والتي تفتح آفاقا جديدة للتعاون القضائي والعدلي والتشريعي المستقبلي وتعزز من مكانة دول مجلس التعاون على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وعبر رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز عن الاعتزاز والفخر بهذه المشاركة الخليجية في أعمال هذا المؤتمر الأول من نوعه الذي يعقد في إطار التعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، معربا عن التطلع لأن تسهم المناقشات وتبادل الخبرات والممارسات في إثراء هذه المحاور.
بدوره، قال الأمين المساعد للشؤون التشريعية والقانونية بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي المستشار سلطان السويدي في كلمة مماثلة إن انعقاد هذا المؤتمر يأتي تأكيدا على الاهتمام المتزايد من دول مجلس التعاون بالملف العدلي والقضائي وإدراكا منها لأهمية تطوير آليات التعاون لتبادل الخبرات وتعزيز الثقافة بين الأجهزة القضائية العدلية.
وأضاف المستشار السويدي ان محاور المؤتمر تعكس هذا التوجه الاستراتيجي عبر التركيز على تنفيذ الأحكام القضائية وتسليم المجرمين وتسخير التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في خدمة العدالة وهو ما يجعل المؤتمر ليس مجرد لقاء عابر بل منصة رفيعة لتبادل الخبرات وتوحيد الجهود بين أجهزة العدالة بدول مجلس التعاون.
وذكر ان المشاركة الدولية في المؤتمر تعبر عن وعي دول مجلس التعاون بأهمية الشراكات الدولية والتعاون الدولي في مكافحة الجريمة وتعزيز العدالة وتمكن من الاطلاع على التجارب الرائدة وتبادل الممارسات المثلى بما يسهم في ترسيخ سيادة القانون وتحقيق العدالة الناجزة وتعزيز قدرة دول المجلس على مواجهة التحديات العدلية العابرة للحدود.
وأعرب عن الثقة بأن المؤتمر سيكون محطة مضيئة تضاف إلى مسيرة التعاون الخليجي وخطوة مهمة نحو بناء منظومة عدلية وقضائية خليجية أكثر تكاملا وتأثيرا قادرة على مواجهة التحديات الحديثة وتعزيز التعاون الدولي وصون الحقوق والحريات وترسيخ سيادة القانون.
ورفع أسمى آيات التقدير والعرفان إلى صاحب السمو الأمير رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الشيخ مشعل الأحمد لما توليه الكويت من رعاية ودعم مستمرين للعمل الخليجي المشترك «ما أثمر ذلك إنجازات نوعية نلمس أثرها في مختلف المجالات ونقطف اليوم إحدى تلك الثمار من خلال انعقاد هذا المؤتمر الأول من نوعه الذي يؤكد أهمية تعزيز التعاون العدلي والقضائي في تعزيز مسيرة التعاون الخليجي المشترك».
كما توجه الأمين المساعد للشؤون التشريعية والقانونية بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بخالص الشكر والامتنان إلى رؤساء المحاكم العليا والتمييز والنواب العموم والمدعين العامين وأعضاء اللجنة القضائية والعدلية في دول مجلس التعاون على مشاركتهم في المؤتمر ترسيخا لروح التعاون الخليجي المشترك.
من ناحيته، أكد المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في دول مجلس التعاون الخليجي القاضي د.حاتم علي في كلمة مماثلة أهمية الاستغلال الأمثل لهذا المؤتمر الأول من نوعه في وضع استراتيجية ورؤية تشريعية وقضائية لدول مجلس التعاون تسهم ليس فقط في تبادل الخبرات بل التعاون ونقل هذه الخبرات على المستوى الإقليمي.
وقال القاضي د.علي «لقد انتهى زمن الجرم الجميل البسيط القديم عندما كانت الجريمة عبارة عن أركان مادية ومعنوية وكانت ترتكب داخل إقليم بمعرفة شخص أو مجموعة من الأشخاص، حيث أصبحت الجريمة في هذا الزمن المتطور والمتسارع في مجال التطور التكنولوجي وفي مجال التطور عامة أكثر تطورا وقدرة من إمكانات المنظمات والتشريعات الوطنية والإقليمية والدولة».
وأضاف ان «الجريمة أصبحت تتم الآن عبر الفضاء السيبراني والتخطيط لها قد يكون من دولة أو عدة دول على بعد آلاف الأميال وترتكب على إقليم دولة أو عدة دول في ذات الوقت فكيف يمكن لجهاز قضائي واحد ولتشريع واحد في دولة ما أن يواجه هذا دون أن يكون لديه القدرة على التطور والتبدل والاستيعاب مثلما تتطور الجريمة والعصابات الإجرامية مرتكبة هذه الجريمة».
واعتبر ان الهيئات القضائية والادعاء العام صمام الأمان في تطبيق كل المعايير الدولية والاتفاقيات ذات الصلة بمنع ومكافحة الجريمة قائلا: «كلما كان هذا الجهاز القضائي قويا ومتعاونا في نقل وتبادل الخبرات باتت التشريعات الوطنية والدولية فاعلة في مواجهة هذا الجرم».
ولفت إلى التنسيق المستمر والعمل المتواصل بين الأمم المتحدة ممثلة بالأمانة العامة للاتفاقيات والمعايير الدولية والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي على مدار الشهور الماضية في شأن تطوير استراتيجية خليجية أولى لمكافحة المخدرات، بالإضافة إلى العمل الجاري حاليا على وضع استراتيجية خليجية أولى لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إلى جانب البدء في الشهر المقبل بالعمل على اتفاقية خليجية موحدة لمواجهة الجريمة السيبرانية وتسخير الذكاء الاصطناعي.
وثمن مبادرة الكويت القيمة باستضافة هذا المؤتمر الأول من نوعه الذي تسعى من خلاله إلى توحيد الجهود والرؤى والمعايير والسياسات والاستراتيجيات والتشريعات لمواجهة التحديات الكبيرة، معربا عن تقدير البالغ للشراكة التاريخية والمثمرة مع الهيئات القضائية والادعاء العام والنيابة العامة بدول مجلس التعاون خلال العقد الماضي.
ويشمل برنامج المؤتمر مناقشة محاور عدة، هي (إشكاليات تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بأحكام الأسرة بين دول مجلس التعاون – التحديات التي تواجه الدول الأعضاء في قضايا تسليم المجرمين وجرائم الأموال العابرة للحدود – بحث تطوير المنظومة التشريعية نحو مستقبل أفضل بما يتناسب مع التطورات المعاصرة – كيفية تسخير الذكاء الاصطناعي ومواكبة التكنولوجيا الحديثة في تطوير الأنظمة القضائية والعدلية والتشريعية في دول مجلس التعاون) بمشاركة معنيين من دول مجلس التعاون والأمم المتحدة.
وتأتي استضافة الكويت لمؤتمر مستقبل التعاون القضائي والعدلي والتشريعي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالتزامن مع اللقاء الدوري الـ 11 لرؤساء المحاكم العليا والتمييز لدول مجلس التعاون الذي من المقرر أن ينعقد اليوم الأربعاء بالكويت.