الوفاق الرمضاني العدد 17 (رمضان 1446 هجري–2025 م)

جريدة الوفاق – السنة الأولى (العدد 234) – الأربعاء 19 رمضان 1446 هجري- 19 مارس 2025
ملحق الوفاق الرمضاني 17

مساجد الكويت 17
مسجد مرزوق البدر.. من أقدم مساجد الكويت ويعد منارة لهداية الجالية الفلبينية إلى الإسلام
عمره 215 عاما وأسسه مرزوق البدر عام 1225 هـ / عام 1810 م

بقلم وتصوير – ربيع إبراهيم – مستشار التحرير:
مقدمة
اهتم أهل الكويت منذ القدم ببناء المساجد بكثرة في البلاد، والتي كانت في بداياتها مشيدة من الطين، ثم تطور البناء بمرور السنين وصارت على أحدث طرز البناء. وأشارت إحصائية قطاع المساجد التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن عدد المساجد في الكويت خلال عام 2019 م وصل إلى (1695) مسجدًا تتسع لحوالي (2.8) مليون شخص، من بينها (1007) مسجد جامع (تقام فيه صلاة الجمعة). وبحسب إحصائية بتاريخ يوليو 2024 تملك الكويت 1828 مسجداً في أراضيها. وسننشر خلال شهر رمضان المبارك نبذة عن عدد من مساجد الكويت موزعة على محافظات الكويت الستة.
مسجد مرزوق البدر
مسجد مرزوق البدر تأسس عام 1225 هـ / عام 1810 م أي عمره 215 عاما وتشرف كاتب هذه السطور بالصلاة في المسجد وتصويره – الصور رفق التقرير- والمسجد يقع بين طرق الدائري الأول وشارع أبوبكر وشارع عبدالعزيز حمد الصقر ويقع المسجد بالقرب من معهد الكويت للدراسات القضائية وديوان الخرافي ومخفر الصالحية وفندق شيراتون الكويت ومجمع المثنى التجاري ومجلس الأمة غير بعيد عن مكان المسجد.
وأسس المسجد المرحوم السيد مرزوق البدر عام 1225 هجرياً / عام 1810 م ويقع في منطقة القبلة غرب مدينة الكويت، وقد تم ترميم المسجد من قبل الأمانة للأوقاف خلال الأعوام 1951 – 1956 -1966م. وتم آخر ترميم له عام 1425 هجرية / 2004 م،
ولا يزال المسجد محافظا على طرازه المعماري القديم والأصيل مما يُظهر كيف بُنيت هذه المساجد في تلك الأيام. ويحافظ المسجد على تصميمه القديم الأصيل، مُقدمًا لمحة عن أساليب البناء التقليدية.
وخطبة الجمعة في مسجد مرزوق البدر تُلقى باللغة الفلبينية الى جانب اللغة العربية ، نظرا لتواجده في منطقة يتواجد فيها أفراد الجالية الفلبينية بكثافة كما توجد لهم مطاعم فلبينية بالقرب من المكان. مما كان سببا في إسلام عامل فلبيني يعمل في مقهى “إيرث” الصغير المُلحق بالمسجد كما أسلم عدد كبير من أفراد الجالية الفلبينية بفضل خطبة الجمعة باللغة الفلبينية.
المصادر:
- زيارة قام بها كاتب التقرير للمسجد ومطالعته للوحة بيانات المسجد وتوثيق المبنى والمئذنة التراثية.
- موقع: https://wanderlog.com/
============================================
الشبهات التي تطعن في الإسلام والردود عليها (17)
مقدمة
يتعرض الإسلام منذ اللحظات الأولى لظهوره – ولا يزال حتى اليوم – للهجوم وإثارة الشبهات حوله والتشكيك في عقائده وتعاليمه، والواقع يبين لنا أن الشبهات التي تثار ضد الإسلام منذ ظهر وحتى اليوم هي شبهات مكررة ولا تختلف مع بعضها إلا في الصياغة أو محاولة إعطائها صبغة علمية. ومواجهة تلك الشبهات تكون ببذل جهود علمية مضاعفة من أجل توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، ونشر ذلك على أوسع نطاق خاصة في عصر ثورة المعلومات والاتصالات والاستخدام المتزايد لشبكة الاتصالات الدولية “الإنترنت “، وقد نهض مفكرو الإسلام – في فترات مختلفة – بالقيام بواجبهم في الرد على هذه الشبهات كل بطريقته الخاصة وبأسلوبه الذي يعتقد أنه السبيل الأقوم للرد.
وتعميما للفائدة، ستواصل صحيفة ” الوفاق” خلال شهر رمضان المبارك، نشر الردود على كل شبهة من هذه الشبهات المثارة، والتي تتردد في عصرنا بشكل أو بآخر، من خلال عرض ما جاء في بعض المراجع منها كتاب ” حقائق إسلامية في مواجهة حملات التشكيك ” للدكتور محمود حمدي زقزوق، وهو من إصدار المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف في مصر بتاريخ المحرم ١٤٢٢هـ – أبريل ٢٠٠١م . وكتاب” مختارات من كتاب حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين” – إشراف وتقديم د . محمود حمدي زقزوق – وزارة الأوقاف – القاهرة – بدون تاريخ. وكتاب ” في جولة مع المستشرقين ” – للأستاذ عبد الخالق سيد أبو رابية – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – القاهرة 1976. ونأمل أن يسهم نشرنا لهذه الردود في توضيح الصورة الحقيقية للإسلام وإزالة بعض ما علق بالأذهان من سوء فهم لتعاليمه وعقائده، والله من وراء القصد.
ثالثا – الردود على الشبهات المثارة حول موقف الإسلام من المرأة وأهليتها
الشبهة (5): يزعمون أن الإسلام ينتقص من المرأة ودليلهم أن الرجال قوَّامون على النساء

- الشبهة:
يزعمون أن الإسلام ينتقص من أهلية المرأة ودليلهم أن الإسلام يقر قاعدة أن الرجال قوَّامون على النساء.
- الرد على الشبهة:
يقول المرحوم الدكتور محمد عمارة في الرد على الشبهة: تلك هي شبهة الفهم الخاطئ والمغلوط لقوامة الرجال على النساء.. والتى لا تعدو أن تكون الانعكاس لواقع بعض العادات الجاهلية التى ارتدت فى عصور التراجع الحضاري لأمتنا الإسلامية فغالبت التحرير الإسلامي للمرأة حتى انتقلت بالقوامة من الرعاية والريادة ، المؤسسة على إمكانات المسئولية والبذل والعطاء ، إلى قهر السيد للمسود والحر للعبد والمالك للمملوك !. ولأن هذا الفهم غريب ومغلوط، فإن السبيل إلى نفيه وإزالة غباره وآثاره هو سبيل البديل الإسلامي الذى فقهه الصحابة، رضوان الله عليهم للقوامة.. والذى بعثه من جديد الاجتهاد الإسلامي الحديث والمعاصر.
ففي المدينة المنورة نزلت آيات ” القوامة ” قوامة الرجال على النساء.. وفى ظل المفهوم الصحيح لهذه القوامة تحررت المرأة المسلمة من تقاليد الجاهلية الأولى، وشاركت الرجال فى العمل العام مختلف ميادين العمل العام.. ولحكمة إلهيةِ قرن القرآن الكريم فى آيات القوامة بين مساواة النساء للرجال وبين درجة القوامة التي للرجال على النساء، بل وقدم هذه المساواة على تلك الدرجة، عاطفاً الثانية على الأولى ب ” واو ” العطف، دلالة على المعية والاقتران.. أى أن المساواة والقوامة صنوان مقترنان، يرتبط كل منهما بالآخر، وليسا نقيضين، حتى يتوهم واهم أن القوامة نقيض ينتقص من المساواة.. قال الله سبحانه وتعالى فى الحديث عن شئون الأسرة وأحكامها: (ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) البقرة: 228..
وفى سورة النساء جاء البيان لهذه الدرجة التى للرجال على النساء فى سياق الحديث عن شئون الأسرة ، وتوزيع العمل والأنصبة بين طرفي الميثاق الغليظ الذى قامت به الأسرة الرجل والمرأة فإذا بآية القوامة تأتى تالية للآيات التى تتحدث عن توزيع الأنصبة والحظوظ والحقوق بين النساء وبين الرجال ، دونما غبن لطرف ، أو تمييز يخل بمبدأ المساواة ، وإنما وفق الجهد والكسب الذى يحصِّل به كل طرف ما يستحق من ثمرات..(ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً * ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيداً * الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم..) النساء: 32-34.
ولقد فقه حبر الأمة، عبد الله بن عباس الذى دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم ربه أن يفقهه فى الدين فهم الحكمة الإلهية فى اقتران المساواة بالقوامة ، فقال فى تفسيره لقول الله ، سبحانه وتعالى -:(ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف) تلك العبارة الإنسانية ، والحكمة الجامعة: ” إننى لأتزين لامرأتى ، كما تتزين لى ، لهذه الآية ” !
وفهم المسلمون قبل عصر التراجع الحضاري، الذى أعاد بعضاً من التقاليد الجاهلية الراكدة إلى حياة المرأة المسلمة مرة أخرى – أن درجة القوامة هى رعاية رُبّان الأسرة الرجل لسفينتها ، وأن هذه الرعاية هى مسئولية وعطاء.. وليست ديكتاتورية ولا استبدادا ينقص أو ينتقص من المساواة التى قرنها القرآن الكريم بهذه القوامة ، بل وقدمها عليها..
وكانت السنة النبوية فى عصر البعثة البيان النبوي للبلاغ القرآني فى هذا الموضوع.. فالمعصوم صلى الله عليه وسلم الذي حمّله ربه الحمل الثقيل فى الدين.. والدولة.. والأمة.. والمجتمع هو الذى كان فى خدمة أهله – أزواجه – وكانت شوراهن معه وله صفة من صفات بيت النبوة، فى الخاص والعام من الأمور والتدابير.. ويكفي أن هذه السنة العملية قد تجسدت تحريراً للمرأة، شاركت فيه الرجال بكل ميادين الاجتماع والسياسة والاقتصاد والتربية.. وحتى القتال.
كما كان صلى الله عليه وسلم دائم التأكيد على التوصية بالنساء خيراً.. فحريتهن حديثة العهد ، وهن قريبات من عبودية التقاليد الجاهلية ، واستضعافهن يحتاج إلى دوام التوصية بهن والرعاية لهن.. وعنه صلى الله عليه وسلم تروى أقرب زوجاته إليه عائشة رضى الله عنها: ” إنما النساء شقائق الرجال ” رواه أبو داود والترمذى والدارمى والإمام أحمد وعندما سئلت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل فى بيته ؟ قالت: ” كان بشراً من البشر ، يغلى ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم نفسه ” رواه الإمام أحمد . يفعل ذلك ، وهو القَوَّام على الأمة كلها ، فى الدين والدولة والدنيا جميعاً !..وفى خطبته صلى الله عليه وسلم بحجة الوداع [ 10 هجرية / 632 م ] وهى التى كانت إعلانا عالميا خالداً للحقوق والواجبات الدينية والمدنية – كما صاغها الإسلام أفرد صلى الله عليه وسلم للوصية بالنساء فقرات خاصة ، أكد فيها على التضامن والتناصر بين النساء والرجال فى المساواة والحقوق والواجبات فقال: ” ألا واستوصوا بالنساء خيراً ، فإنهن عوان عندكم ، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. ألا إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً.. فاتقوا الله فى النساء ، واستوصوا بهن خيراً ، ألا هل بلغت !. اللهم فاشهد “.
وإذا كانت القوامة ضرورة من ضروريات النظام والتنظيم فى أية وحدة من وحدات التنظيم الاجتماعى ، لأن وجود القائد الذى يحسم الاختلاف والخلاف ، هو مما لا يقوم النظام والانتظام إلا به. فلقد ربط القرآن هذه الدرجة فى الريادة والقيادة بالمؤهلات وبالعطاء، وليس بمجرد ” الجنس ” فجاء التعبير: (الرجال قوامون على النساء) وليس كل رجل قوّام على كل امرأة.. لأن إمكانات القوامة معهودة فى الجملة والغالب لدى الرجال، فإذا تخلفت هذه الإمكانات عند واحد من الرجال ، كان الباب مفتوحاً أمام الزوجة إذا امتلكت من هذه المقومات أكثر مما لديه لتدير دفة الاجتماع الأسرى على نحو ما هو حادث فى بعض الحالات !.
إن الإمام محمد عبده، قد وقف أمام آيات القوامة (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) البقرة: 228. فإذا به يقول: ” هذه كلمة جليلة جداً ، جمعت على إيجازها مالا يُؤَدى بالتفصيل إلا فى سفر كبير ، فهى قاعدة كلية ناطقة بأن المرأة مساوية جداً، فى جميع الحقوق ، إلا أمراً واحداً عبّر عنه بقوله: (وللرجال عليهن درجة) وقد أحال فى معرفة ما لهن وما عليهن على المعروف بين الناس فى معاشراتهن ومعاملاتهن فى أهليهن ، وما يجرى عليه عرف الناس هو تابع لشرائعهم وعقائدهم وآدابهم وعاداتهم..
فهذه الجملة تعطى الرجل ميزانا يزن به معاملته لزوجه فى جميع الشئون والأحوال ، فإذا همّ بمطالبتها بأمر من الأمور يتذكر أنه يجب عليه مثله بإزائه ، ولهذا قال ابن عباس ، رضى الله عنهما: إننى لأتزين لامرأتي كما تتزين لى ، لهذه الآية.
وأما قوله تعالى: (وللرجال عليهن درجة) فهو يوجب على المرأة شيئاً ، وذلك أن هذه الدرجة درجة الرياسة والقيام على المصالح ، المفسرة بقوله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) النساء: 34.
إن الحياة الزوجية حياة اجتماعية، ولا بد لكل اجتماع من رئيس ، لأن المجتمعين لابد أن تختلف آراؤهم ورغباتهم فى بعض الأمور ، ولا تقوم مصلحتهم إلا إذا كان لهم رئيس يُرجع إلى رأيه فى الخلاف ، لئلا يعمل كل ضد الآخر فتفصم عروة الوحدة الجامعة ويختل النظام ، والرجل أحق بالرياسة لأنه أعلم بالمصلحة ، وأقدر على التنفيذ بقوته وماله ، ومن ثم كان هو المطالب شرعاً بحماية المرأة والنفقة عليها ، وكانت هى مطالبة بطاعته فى المعروف.
إن المراد بالقيام ” القوامة ” هنا هو الرياسة التي يتصرف فيها المرؤوس بإرادته واختياره، وليس معناه أن يكون المرؤوس مقهورا مسلوب الإرادة لا يعمل عملا إلا ما يوجهه إليه رئيسه. إن المرأة من الرجل والرجل من المرأة بمنزلة الأعضاء من بدن الشخص الواحد، فالرجل بمنزلة الرأس والمرأة بمنزلة البدن.
هذه الرعاية التى هى القوامة، لم يجعلها الإسلام للرجل بإطلاق.. ولم يحرم منها المرأة بإطلاق.. وإنما جعل للمرأة رعاية – أى ” قوامة ” – فى الميادين التى هى فيها أبرع وبها أخبر من الرجال.. ويشهد على هذه الحقيقة نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالأمير الذى على الناس راع عليهم ، وهو مسئول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته ، وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده ، وهى مسئولة عنهم.. ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن راعيته ” رواه البخارى والإمام أحمد.
فهذه الرعاية “القوامة “-هى فى حقيقتها ” تقسيم للعمل ” تحدد الخبرةُ والكفاءةُ ميادين الاختصاص فيه.. فالكل راع ومسئول-وليس فقط الرجال هم الرعاة والمسئولون-وكل صاحب أو صاحبة خبرة وكفاءة هو راع وقوّام أو راعية وقوّامة على ميدان من الميادين وتخصص من التخصصات.. وإن تميزت رعاية الرجال وقوامتهم فى الأسر والبيوت والعائلات وفقاً للخبرة والإمكانات التى يتميزون بها فى ميادين الكد والحماية. فإن لرعاية المرأة تميزاً فى إدارة مملكة الأسرة وفى تربية الأبناء والبنات.. حتى نلمح ذلك فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى سبق إيراده – عندما جعل الرجل راعياً ومسئولاً على ” أهل بيته ” بينما جعل المرأة راعية ومسئولة على ” بيت بعلها وولده “..
هكذا وضحت قضية القوامة.. وسقطت المعاني الزائفة والمغلوطة لآخر الشبهات التى يتعلق بها الغلاة.. غلاة الإسلاميين.. وغلاة العلمانيين.
المصدر:
كتاب حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين – مجموعة علماء – وزارة الأوقاف المصرية – 1423 هـ – 2002 م