اقتصاد وتكنولوجياتقارير ودراساتعاجل

تقرير| “الشال”: تحويل الكويت الى وجهة سياحية مشروع ضخم يحتاج الى ثلاث متطلبات أساسية

هي مطار الكويت والناقل الوطني والبنى التحتية الداخلية ومنظومة القيم بالتعامل مع الزائرين

أكد تقرير الشال الأسبوعي الذي أعدته وحدة البحوث الاقتصادية في شركة الشال للاستشارات أنه في ظل مخاطر الاعتماد شبه الكامل للكويت على النفط، أعلنت الحكومة الأسبوع الفائت بأن أحد خيارات تنويع مصادر الدخل سوف يكون تحولها إلى بلد جذب سياحي “منصة Visit Kuwait“، والبداية صحيحة في تيسير عملية التواصل للحصول على الموافقات الضرورية لدخول السائح إلى الكويت، وبشكل آلي بعيداً عن الروتين والاجتهاد الشخصي. ولكن، تحويل المشروع إلى واقع مجدي يتطلب أن تكون البداية مجرد إشارة يتبعها مشروع ضخم يحوله إلى مشروع دولة يعالج ثلاث متطلبات أساسية. وسوف نفرد فقرة في تقريرنا لكل منها، بدايتها مع مطار الكويت الدولي وذلك لا يستثني المنافذ الحدودية البرية، وثانيها الناقل الجوي الوطني الذي يحتاج استراتيجية مختلفة واستثمار كبير، وثالثها البنى التحتية الداخلية وتشمل الطرق وقطاع الضيافة والنقل، وحتى نظرة على منظومة القيم في التعامل مع الزائرين.

مطار الكويت الدولي

وقال تقرير الشال : البداية مع مطار الكويت الدولي، الذي بدأ نفاذ مشروع إنشائه في يونيو 2017، وبعد وضع حجر أساسه خضع لأكثر من تأجيل لتاريخ إنجازه، آخرها عندما أعلن تأجيل الإنجاز من عام 2022 إلى أواخر عام 2024 ثم إلى الربع الأخير من عام 2026، ففي 11 أغسطس 2025 وافقت لجنة المناقصات على الأمر التغييري الثالث عشر بتمديد عقد الإنجاز 466 يوماً، وقد يمدد مجدداً. خلال هذه الفترة، توقفت 14 شركة طيران عن الهبوط في مطار الكويت الدولي، أسباب قراراتها للتوقف مختلفة، ولكنها تنحصر في فقدان الكويت ومطارها وخدماتها لتنافسيتها، ما يعني أن إنجاز المبنى الذي تأخر كثيراً لا يكفي، ولابد من عمل مواز وحتى أكثر صعوبة لاستعادة تنافسيته. ولكي يكون المطار جزء من مشروع اقتصادي متكامل، لابد من أن يتزامن الإنجاز مع مشروع محترف لإعداد البشر المختصين مهنياً وقيماً لاستلامه، ولابد من اهتمام خاص بمساهمته في خلق أكبر عدد من فرص العمل المواطنة المستدامة.

ولا بأس من مثال رقمي يشرح تخلف الموقع التنافسي لمطار الكويت الدولي ضمن نطاقه الجغرافي بالمقارنة مع أربع مطارات أخرى، كلها زادت من عدد زوارها في عام 2024، ماعدا مطار الكويت الدولي الذي انخفض عدد زائريه. تشير الأرقام إلى أن مطار دبي الدولي استقبل 92.3 مليون زائر بنمو 5.7% عن عام 2023، واستقبل مطار الدوحة الدولي 52.7 مليون زائر بنمو 14.8% عن عام 2023، واستقبل مطار الرياض الدولي 37.6 مليون زائر بنمو 17.8% عن مستوى عام 2023، وسوف يرتفع كثيراً في المستقبل حين اكتمال مشروع طيران الرياض، واستقبل مطار أبوظبي الدولي 29.4 مليون زائر بنمو 28.4% عن مستوى عام 2023، واستقبل مطار الكويت، ومعظم زائريه مواطنين ووافدين مقيمين، 15.4 مليون زائر بهبوط 1% عن مستوى 2023.

تلك الأرقام تكفي للدلالة على حجم الجهد المطلوب لمعرفة وعلاج تخلف الموقع التنافسي السياحي للكويت، ذلك ينسحب على المنافذ البرية، معظمها في وضع متخلف عن جوارها، بناءً ونظافة وطرقاً، والأمر يحتاج إلى اهتمام خاص لشمال الكويت وشرقها، أي العراق وإيران، وفيهما تكمن ميزة الكويت التنافسية.

الخطوط الجوية الكويتية

وأضاف تقرير الشال : إذا كانت السياحة مشروع دولة، فالنظرة إلى الناقل الوطني لا بد أن تترجم إلى تغيير في الأهداف الاستراتيجية للخطوط الجوية الكويتية، والتركيز يتحول إلى ما يمكن أن تحققه من عائد اقتصادي يساهم في ربط الكويت بمعظم دول العالم. وقد لا يحقق ذلك هدف الشركة المالي، أي تحقيق ربحية، وربما تحقق خسائر لبضع سنوات، إلا أن العائد غير المباشر لقطاعات الدولة الأخرى مثل الضيافة والنقل وتجارة التجزئة وغيرها، يعوض ويفوق الخسارة المالية.

لا تتبنى شركة الخطوط الجوية الكويتية أي نموذج أعمال معروف، فلا هي طيران تجاري بحت يسعى لتحقيق الربحية أسوة بطيران الجزيرة، ولا هي وسيلة لتحقيق مشروع دولة بالتركيز على العائد الاقتصادي، حجم أسطولها 33 طائرة، تولاها 8 مجالس إدارة منذ عام 2008 بصدور مشروع تخصيصها من دون معرفة معايير التعيين والتغيير المتكرر لمجالس إدارتها، توالت خسائرها المالية منذ زمن بعيد، وأعلنت قبل بضع شهور تأجيل هدفها ببلوغ مرحلة التعادل المالي، أي لا ربح ولا خسارة، من العام المالي الحالي، إلى أجل لا يبدو مسمى. وأي نوايا للارتقاء بالموقع السياحي التنافسي للكويت من دون حسم سريع لمشروع الناقل الوطني، لن ينتج عنه سوى تخلف في الموقع النسبي مقابل المنافسين في الإقليم.

القيم والبنى التحتية

وتابع تقرير الشال : لابد من الاعتراف بعدم سلامة القيم التي تحكم نظرتنا للقادم إلى الكويت، فالاعتقاد الغالب هو أنه جاء ليأخذ وليس ليعطي، لذلك تختلف معاملتنا للقادم عن معظم المنافذ المنافسة. وتمتد تلك المعاملة في كثير من الأحيان إلى الداخل، وبشكل أكثر وضوح حين اضطراره للتعامل مع جهات رسمية، ولا تخلو معاملة الجهات المدنية والخاصة منها من التمييز، بينما تعني السياحة القبول بأن القادم يحمل منافعه معه، وتغيير المفهوم الخاطئ هي وظيفة الإعلام والتعليم متزامناً مع التغيرات الأخرى المطلوبة.

وبنى الكويت التحتية متخلفة مقارنة بمنافسيها، فالطرق أقرب إلى مستوى الطرق في الدول الفقيرة، والمساحات الجمالية مثل التشجير غير منسقة وفي كثير من الأحيان عشوائية، وبعض أشجارها يموت واقفًا ويبقى على حاله لفترة طويلة. وبعض مناطق الكويت، وحتى شوارع العاصمة الرئيسية صادمة – شارع فهد السالم مثال –، ما يجعل السائح يعقد مقارنة مع المنافسين تنتهي لغير صالح الكويت، وإصلاحها يفترض أنه لا يحتاج سوى إلى حس وعمل مؤسسي منتظم وغير صعب، وذلك ينسحب كثيراً على تخلف وسائط النقل العام.

ورغم توفر مشروعات متميزة في قطاع الضيافة مثل الفنادق والمجمعات التجارية والخدمات ضمنها، مثل الأكل ومشروعات الترفيه، تظل الطاقة الاستيعابية المتاحة للزائرين دون مستوى المنافسين بسبب ما ذكرناه في الفقرتين السابقتين وبسبب القيود الاجتماعية.

توجد في الكويت نحو 10 آلاف غرفة فندقية وحوالي ألفي غرفة شقق فندقية. والكويت بدأت نهضتها قبل الجميع، وكانت قبلة زائرين وحاضنة لمعظم مقرات المنظمات الإقليمية، ولا معنى لموقعها حالياً في آخر المواقع التنافسية، سوى أنها تخلفت عن تطوير تلك البنى التحتية إضافة إلى سياساتها وقيودها التي فقدت الترحيب بالغير.

وقال تقرير الشال : غرضنا من كل ما تقدم هو أن النوايا المعلنة حول مشروع ما، تبقى مجرد عناوين لا تكفي لجني ثماره، فالنوايا في خمسينات وستينات القرن الفائت كانت تتزامن مع خطط وخطوات لتحويلها إلى واقع، ولمن لا يعرف، ليلقي نظرة على المخططات الهيكلية في ذلك الزمن ليعرف كم كانت الإدارة العامة متميزة. وما ذكرناه من فقرات حول محطات الإصلاح اللازمة لتحقيق مشروع الكويت مرحبة، وجهة جذب سياحي، لا يرقي سوى إلى تنبيه لبدء دراسة مهنية تحليلية تربط ما بين النوايا ونجاح مستهدفاتها على أرض الواقع، عدا عن ذلك، سوف يكون مصيرها مصير رؤية الكويت 2035 التي تراجعت مستهدفاتها السبعة حالياً عن مستواها في عام 2017.

author avatar
صحيفة الوفاق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى