تقرير| الشال: استمرار ضعف أسعار النفط وسعر البرميل المتوقع في 2026/2027 نحو 66.1 دولار
بينما سعر التعادل للموازنة الحالية للكويت هو 90.5 دولار للبرميل


منذ بدء عصر النفط مصدراً أول للطاقة في بداية العقد الثاني من القرن العشرين، أو قبيل الحرب العالمية الأولى عندما غير تشرشل وقود أسطوله من الفحم إلى الديزل، لم يصدق سيناريو واحد على المدى المتوسط إلى الطويل لحركة أسعاره، السبب الأول هو أن قدرة المستهلك، وليس قوى العرض والطلب، طاغية، على التحكم فيها، والثاني هو أنها حسّاسة لأحداث العنف الجيوسياسي. ولأن المستهلك بنفوذه الطاغي يريدها، بالحق أو الباطل، منخفضة لدورها الأهم في سلامة أداء اقتصاده، من المرجح استمرار هبوط أسعاره في المستقبل.
وقال تقرير الشال الأسبوعي الذي أعدته وحدة البحوث الاقتصادية في شركة الشال للاستشارات: ولن نذهب بعيداً في استعراض تذبذب أسعاره، فالرسم البياني المرافق يعرض لحركة سعر برميل مزيج برنت منذ بداية القرن الحالي وحتى الأسبوع الفائت، وسوف نحصر تركيزنا على حركتها منذ بداية العقد الحالي، أي إقفال عام 2019 وحتى إقفال 24 سبتمبر 2025. والفارق بين أعلى وأدنى سعر للبرميل في السنوات الست المذكورة فقط، كان 124.1 دولار أمريكي، فالأعلى بلغ 133.2 دولار أمريكي في مارس 2022 والأدنى بلغ 9.1 دولار أمريكي في أبريل 2020، ومع اعتماد الموازنة العامة في الكويت في إيراداتها بنسبة 90% على النفط، الأمر يحتاج إلى ساحر للتخطيط المالي متوسط الأجل. ذلك ينسحب على هيكل الاقتصاد المحلي الذي تتراوح مساهمة النفط الخام في ناتجه المحلي الإجمالي ما بين 40 -60% تبعاً للتغير في أسعار النفط وإنتاجه، لذلك، يقع الاقتصاد، أسوة بالمالية العامة، ومعهما سوق العمالة المواطنة، رهينة شبه كاملة لحركة سوقه.
عوامل عديدة تجعل من عامل الزمن بالغ الأهمية في طريق الفكاك من هذه المعضلة، فالوقت لا يعمل لصالح الكويت، العامل الأول هو طغيان احتمال استمرار ضعف أسعار النفط، فسعر برميل النفط المتوقع للسنة المالية 2026/2027 بحدود 66.1 دولار أمريكي للبرميل، بينما سعر التعادل للموازنة الحالية هو 90.5 دولار أمريكي لبرميل النفط الكويتي. العامل الثاني هو أن الضغوط لزيادة النفقات العامة حتمية، فارتفاع عدد السكان وتعويض تضخم الأسعار والتدفقات المرتفعة للمواطنين إلى سوق العمل، كلها ضاغطة لتجاوز الحدود المرتفعة حالياً للإنفاق العام ضعيف المردود والإنتاجية. العامل الثالث هو حتمية ارتفاع تكاليف الإنتاج من جانب، وتآكل مستمر للحصة القابلة للتصدير بسبب حتمية ارتفاع الاستهلاك المحلي للنفط من جانب آخر، ما يعني تآكل مزدوج لحصيلة إيرادات صادرات النفط.
النمو الاقتصادي والتضخم وميزان العمالة هي أولويات كل دول العالم الواعي مهما تعددت مصادر دخلها، وحتى اللحظة، لا يبدو أن الكويت وعت باختلاف أولوياتها عن تلك الأولويات وهي أعلى دول العالم اعتماداً على مصدر وحيد للدخل، والذي لا تملك تأثيراً مادياً على حركة العوامل المؤثرة عليه. وعامل الوقت غاية في الأهمية في خفض تكاليف التحول الجذري المطلوب لاستدارة اقتصادها وارتفاع فرص نجاحها، وفرصهما اليوم أسوأ مما لو أنها بدأت قبل خمس سنوات، مثلاً، ولكن لا مجال للاستسلام، فلازال في الوقت متسع ولم يعد التغيير الجذري خيار.