أوروبا تتلقى ضربة في ملف الصلب مع بقاء رسوم ترامب المرتفعة دون تغيير
المقترح التجاري الجديد لا يشمل تخفيض رسوم الصلب البالغة 50%

كشفت تقارير أن المقترح الأخير لاتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا لا يتضمن إزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50% التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصلب.
ويمثل ذلك انتكاسة كبيرة لصناعة الصلب في الاتحاد الأوروبي، التي حذرت الشهر الماضي من خطر الانهيار نتيجة تلك الرسوم المرتفعة، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والمنافسة الصينية الرخيصة.
وأكد ترامب، خلال قمة للذكاء الاصطناعي عقدت في واشنطن، أنه سيفرض رسوما جمركية على الدول التي لم توقع بعد اتفاقات تجارية، قائلا: “سنعتمد تعرفة جمركية بسيطة ومباشرة تتراوح بين 15% و50%”.
وأوضح دبلوماسي أوروبي أن المسودة الجديدة للاتفاق التي وزعت على الدول الأعضاء يوم الأربعاء، تتضمن تعرفة أساسية بنسبة 15% على مجموعة من السلع، مع استثناءات بارزة، من بينها الصلب، الذي سيظل خاضعا للرسوم بنسبة 50%.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى التوصل إلى تسوية تقضي بالإبقاء على الرسوم بنسبة 50%، لكن فقط على الصادرات التي تتجاوز حصة معينة.
ورغم أن بعض الإعفاءات وتخفيضات الرسوم ما زالت قيد التفاوض، فإن بقاء الرسوم على الصلب عند مستواها الحالي يعني أن الاتحاد الأوروبي سيدفع نسبة أعلى من تلك المفروضة على المملكة المتحدة، التي تخضع صادراتها من الصلب لرسوم بنسبة 25%، دون مؤشرات على زيادتها.
بل من المتوقع أن تلغى هذه الرسوم تماما بموجب الاتفاق الذي توصل إليه كير ستارمر في مايو الماضي. وعلى الرغم من دخول معظم بنود هذا الاتفاق حيز التنفيذ نهاية الشهر الماضي، لا تزال قضية إعفاء الصلب عالقة بسبب خلافات تتعلق بأصل بعض المواد الخام.
كما أن النسبة الأساسية البالغة 15% التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على صادراته إلى الولايات المتحدة تُعد أقل ملاءمة من النسبة التي اتفقت عليها بريطانيا، والتي تبلغ 10%.
وفي سياق متصل، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال قمة عقدت في بكين، القادة الأوروبيين والصينيين إلى اتخاذ “خيارات استراتيجية صحيحة” في ظل الحرب التجارية، مؤكدا أن التحديات التي تواجه أوروبا لا تأتي من الصين، وأنه لا توجد تناقضات جوهرية في المصالح أو صراعات جيوسياسية بين الصين والاتحاد الأوروبي.
من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، خلال نفس الحدث، إن الاتحاد الأوروبي سيجد صعوبة في الحفاظ على مستوى انفتاحه الحالي مع الصين إذا استمر الفائض التجاري الكبير لصالح بكين، وأرجعت ذلك إلى ما وصفته بـ”تشوهات تجارية”، من بينها الدعم الحكومي. وأوضحت أن الاتحاد الأوروبي يمثل 14.5% من صادرات الصين، بما في ذلك الصلب، لكنه لا يستقبل سوى 8% من صادرات الاتحاد، مشيرة إلى أن هذه الأرقام تكشف عن خلل متزايد في التوازن التجاري بسبب ازدياد الحواجز وقيود الوصول إلى الأسواق.
ورغم عدم التوصل إلى اتفاق رسمي، فقد أحرز الاتحاد الأوروبي والصين تقدما في إزالة العراقيل المتعلقة بتوريد المعادن الأرضية النادرة، التي تُعد حيوية لصناعة السيارات. وأعلنت رابطة صناعة السيارات الألمانية (VDA) أن توقف الإنتاج لم يعد مستبعدا بسبب نقص هذه المعادن، ومنها المغناطيسات المستخدمة في فتح وإغلاق النوافذ والأغطية آلياً. ووصفت رئيسة الرابطة هيلديغارد مولر القيود الصينية على تصدير هذه المعادن بأنها تمثل تحدياً كبيراً لأمن التوريد.
وأكدت فون دير لاين للصحفيين أن القمة توصلت إلى “حل عملي” يمكن من خلاله لشركات السيارات وغيرها التقدم فورا بطلب وساطة لتوضيح أسباب التأخير في التسليم. وفي ظل الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة والصين، ترى القيادات الأوروبية أن التوصل السريع إلى اتفاق مع واشنطن، حتى وإن كان مكلفاً من حيث الرسوم، يُعد ثمناً مقبولاً لضمان استقرار الشركات.
وأفادت هيئة صناعة الصلب الأوروبية “يوروفر” هذا الشهر أن فرض رسوم بنسبة 50% سيكون كارثياً. وتشير مصادر إلى أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس لا يزال حريصاً على إبرام اتفاق في أقرب وقت ممكن لتوفير الاستقرار للمستثمرين والمصنعين، خصوصا في قطاع السيارات. وذكرت “يوروفر” أن السوق الأوروبية تغرق حاليا بالصلب الذي لم تعد الولايات المتحدة تستورده، وذلك بعد فشل المحاولة الأولى للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن قبل عشرة أيام بسبب موقف ترامب.
ومن المحتمل أن يتواصل ميرتس، الذي يتمتع بعلاقة مباشرة مع الرئيس الأمريكي، معه خلال رحلته المقررة إلى اسكتلندا هذا الأسبوع لزيارة ملاعِب الغولف التابعة له.
وأبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة دون تغيير أمس الخميس، في ظل ترقب السياسات الأمريكية وتأثير الرسوم الجمركية على منطقة اليورو.