مرسوم تعديل قانون الجزاء يصدر.. رسميًا
معالجة انحدار الحذر لدى الأفراد وما يتخلف عنه من إصابات وحماية عملية الائتمان في البلاد

صدر رسميًا في جريدة «الكويت اليوم» المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 2025 بتعديل قانون الجزاء، والذي تضمن استبدال نصوص مواد وإضافة أخرى، ووافق عليه مجلس الوزراء في 22 أبريل الماضي.
وأشارت المذكرة الإيضاحية إلى أن العقوبة الجزائية التي ينص عليها القانون تعد بمثابة حجر زاوية في بناء النظرية العامة للجريمة، وتلك العقوبة يتطلع إليها بصر الشارع والقاضي وتركن إليها أفئدة المواطنين والمقيمين على حد سواء، إذ لولاها لما كانت مواد القانون إلا نصائح أخلاقية يستمع إليها من يشاء ويتمرد عليها من يشاء.
وحتى تُؤتي العقوبة أكلها من إضفاء الأمن والسكينة في المجتمع وإطفاء ظمأ العدالة في اقتضاء الحقوق يتعين أن تبلغ مبلغًا يرتدع عنده الأفراد ويحملهم على إطالة التفكير قبل الإقدام على سلوكهم الخاطئ أو إحجامهم عن فعل أمر به الشارع.
وأضافت المذكرة الإيضاحية: «وقد جاء مشروع المرسوم بقانون المرافق ليدخل تعديلاً على قانون الجزاء، مبتغيًا في ذلك الآتي:
أولاً: معالجة انحدار جانب الحيطة والحذر لدى الأفراد وما يتخلف عن ذلك من إصابات ووفيات.
ثانياً: حماية عملية الائتمان في البلاد من المدين الذي يدلس في حقيقة مركزه المالي، ومحاولاً إظهارها بحالة إعسار»
أولاً: القتل الخطأ والإصابة الخطأ:
البين أن جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ لم يطرأ عليهما أي تعديل منذ صدور قانون الجزاء في 1960 سواء من حيث رفع القيم المالية لعقوبة الغرامة أو من حيث إدخال ظروف تشدد العقاب عند اقترانها بالركن المادي المكون لكلا الجريمتين وذلك على الرغم ما تكشف عنه الواقع من إخلال في جانب الحيطة والحذر لدى الأفراد وعدم استبصارهم بمغبة ما يقدمون عليه من أفعال ومآلاتها لا سيما إن نتج عنه تعدد في الوفيات أو إصابة بعاهة مستديمة، وإن العدالة تأبى وضع جميع الفروض على قدم المساواة.
ولذلك رؤي في المشروع المرافق رفع عقوبة الحد الأعلى لعقوبة الغرامة في المادتين (154) و(164)، وإضافة إحدى صور الخطأ وهو عدم مراعاة القوانين في كلا المادتين المذكورتين والمادة (44) في فقرتها الأولى لقطع دابر أي خلاف أثير حول عدم إيرادها.
وأضاف المشروع مادتين جديدتين وهما (154 مكرراً) و(164 مكرراً) واللتين تعنيان بالظروف المشددة لجريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ، وتلك الظروف يمكن تأصيلها بردها إلى أقسام ثلاثة:
الأولى ظروف ترجع إلى جسامة الخطأ، والثانية ظروف ترجع إلى جسامة النتيجة الإجرامية، والثالثة ظروف ترجع إلى اجتماع أكثر من ظرف يتصل بجسامة الخطأ أو بجسامة الضرر أو بكليهما،
وهي كالتالي:
ظروف ترجع إلى جسامة الخطأ:
1- أن يتعاطى الجاني مادة مسكرة أو مخدرة أو مؤثرة عقليا أو أي مادة أخرى تؤثر على قوى الشخص الطبيعية، وأن يكون تحت تأثيرها ويأتي الفعل الموصوف بالخطأ. وعلة اعتباره جسيمًا أن السكر أو التخدير أو التأثير على العقل أو أي قوى أخرى معنية بتوجيه الإرادة، تقلل من الوعي وتضعف من سيطرة الشخص على إرادته فينتقص تبعاً لذلك من قدرة المتهم على اتخاذ أساليب الاحتياط والحذر التي لو اتبعت لما وقع فعله.
وغني عن البيان أن النص لا يسري على من يتعاطى تلك المواد قسرًا أو دون علم بها باعتبار أنه سوف تتوافر فيه أحد أسباب موانع المسؤولية المقررة بالمادة (23) من قانون الجزاء.
2- يتوافر الظرف المشدد إذا كان المتهم قد امتنع أو أهمل وقت ارتكاب الواقعة عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة بأي صورة كانت؛ بما فيها طلب المساعدة له.
ويفترض هذا الظرف أنه كان في استطاعة المتهم الحيلولة دون حدوث النتيجة الإجرامية سواء بوسائله الخاصة أو عن طريق الاستعانة بالغير، ولكنه قعد عن فعل ذلك وأبدى استهانة بها وتركها غير مكترث أو أهمل في اتخاذ فعل المساعدة. ويُبرر التشديد أن المتهم قد أضاف إلى خطئه الأول خطأ ثانيا متمثلا في إخلاله بأن يدرأ الآثار الضارة لتصرفه الأثيم.
ظروف ترجع إلى جسامة النتيجة الإجرامية:
وهي إما تعدد المجني عليهم في جريمة القتل غير العمد أو إذا ترتب على فعل المتهم إصابة شخصين فأكثر أو عاهة مستديمة.
وإنه وإن كان تعدد المجني عليهم في جريمة القتل غير العمد أو الإصابة الخطأ من شأنها أن تؤدي إلى تعدد الجرائم المرتكبة من الجاني إلا أنه رؤي في المشروع إضافة تعدد المجني عليهم كظرف مشدد مما يمتنع في هذه الحالة تعدد الجرائم، ونكون بصدد جريمة واحدة والمجني عليهم فيها متعددين.
ظروف ترجع إلى اجتماع أكثر من ظرف مشدد:
وتكون كذلك إذا ما توافر ظرفين فأكثر من الظروف الواردة في المادتين (154) مكرر و(164) مكرر.
ثانيا: جرائم تهرب المدين من الوفاء:
استحدث المشروع بنداً جديداً في الباب الثالث (الجرائم الواقعة على المال من الكتاب الثالث الجرائم الواقعة على الأفراد) من قانون الجزاء اسماه (8. تهرب المدين من الوفاء)، وأضاف إليه أربع مواد جديدة من (283) إلى (286) تتعلق بالمدين الذي يسعى لإضعاف ذمته المالية وإظهارها بحالة إعسار قاصداً التهرب من الوفاء بما عليه من ديون ثابتة بموجب سندات تنفيذية، أو التصرف فيها بأقل من قيمتها التي تتداول فيها بالأسواق وبفارق كبير لا يتغافر حوله.
وكذلك أضفى المشروع حماية جنائية على الأموال المدين التي تنقل أو تسلم إلى أطراف أخرى مع علمهم بالدين الثابت بالسند التنفيذي والتي تتخذ إجراءات التنفيذ لاقتضائه وقاصدين من ذلك تمكين المدين من عدم الوفاء بما عليه من ديون، ولو كان هؤلاء الأطراف زوجاً له أو من أصوله أو فروعه باستثناء الأشخاص الذين بولاية المدين أو وصايته، فإن المسؤولية لا تطالهم نظراً أن إدارة أموالهم معقودة للمدين.
ورتب المشروع أثر الوفاء بالدين على الدعوى الجزائية وإجراءات التصالح والعفو الصادر من الدائن. وأسند للنيابة العامة اختصاص التحقيق والتصرف والادعاء في هذه الجرائم.
وبذلك جاء المشروع توكيدًا لحماية حياة الأفراد وعمليات الائتمان في البلاد، وإيذانًا بصورة محددة وواضحة لا التباس فيها أو غموض للجرائم المصاحبة للمشروع المرافق، وقرعًا للمتجاسرين على مخالفة أحكامه، وتحقيقًا للتوازن بين حماية مصالح المجتمع وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم.
وختامًا تقرر أن يعمل في أحكام المشروع بعد شهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية عملا بنص المادة (178) من الدستور.