المحلياتعاجلمجتمعمقالات الرآي

رئيس التحرير مطلق الحريجي يكتب عن الذكرى العاشرة لرحيل رجل الدولة “الحكيم” جاسم الخرافي

صادف يوم أمس 21 مايو 2025، الذكرى العاشرة لرحيل أحد أبرز الشخصيات السياسية والاقتصادية في تاريخ وطننا الكويت، وهو المرحوم بإذن الله  جاسم محمد عبدالمحسن الخرافي (1940-2015)، الذي ترك بصمة لا تُنسى في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

وفي الذكرى العاشرة لرحيل ” أبو عبدالمحسن” ، تتجدد مشاعر الفخر والتقدير لمسيرة رجل كرّس حياته لخدمة الكويت، وإرثه السياسي والاقتصادي والإنساني سيظل محفورًا في ذاكرة الوطن، كما أن دوره كرجل دولة حكيم سيبقى نموذجًا للقيادة الحكيمة والمتوازنة.

حياة عامرة بالإنجازات

وُلد جاسم الخرافي في حي القبلة بالكويت عام 1940، وهو ابن رجل الأعمال الراحل محمد عبدالمحسن الخرافي، مؤسس مجموعة الخرافي. تلقى تعليمه الأولي في الكويت ومومباي، ثم أكمل دراسته في مصر وبريطانيا، حيث حصل على دبلوم إدارة الأعمال من جامعة مانشستر.، وعاد إلى الكويت عام 1962 ليبدأ مسيرته السياسية والاقتصادية.

وانتخب عضوًا في مجلس الأمة الكويتي تسع مرات (1975، 1981، 1985، 1996، 1999، 2003، 2006، 2008، 2009)، وتولى رئاسة المجلس من 1999 حتى 2011، مما جعله أحد أطول رؤساء المجلس عهدًا.

وشغل منصب وزير المالية والاقتصاد بين 1985 و1990، وساهم في وضع سياسات اقتصادية راسخة.

لعب دورًا محوريًا خلال أزمة خلو منصب الإمارة عام 2006، حيث أدار المشاورات بحكمة وأسهم في الانتقال السلس للسلطة إلى سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، مع الحفاظ على الاستقرار السياسي ، وهذه التجربة جعلته أحد أبرز السياسيين الكويتيين المشهورين بالحنكة السياسية، وكان يُلقب بـ”الحكيم” لقدرته على احتواء الخلافات وتحقيق التوازن بين الأطراف السياسية داخل وخارج مجلس الأمة الكويتي .

وكان الخرافي أحد أعمدة مجموعة الخرافي الاقتصادية الاستثمارية، التي توسعت في مجالات المقاولات، الصناعة، الإعلام، والأغذية الجاهزة، لتصبح واحدة من أكبر الشركات في العالم العربي. وساهم في تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وتونس ودول أخرى، مما عزز العلاقات الاقتصادية العربية.

الجانب الخيري

كان المرحوم جاسم الخرافي مؤسسًا وعضوًا في العديد من الجمعيات الخيرية المحلية والعربية، وداعمًا للعمل الإنساني، وكان الفقيد من الداعمين لقافلة كسر الحصار عن غزة ” أسطول الحرية” عام 2010 والتي تحركت في البحر المتوسط من تركيا إلى غزة، مما جعله محبوبًا على نطاق واسع.

رحيل “الحكيم”

في 21 مايو 2015، توفي جاسم الخرافي عن عمر 75 عامًا أثناء عودته من تركيا على متن طائرة، تاركًا وراءه إرثًا سياسيًا واقتصاديًا كبيرًا. وأعلن نجله أنور خبر وفاته عبر تويتر، وشُيّع في عزاء حاشد حضره كبار الشخصيات، بما في ذلك ولي العهد وقتها سمو الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد. ووصفه أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد بـ”الرجل الوفي”، ومنحه وسام الكويت ذا الوشاح من الدرجة الممتازة تقديرًا لإسهاماته.

وسيظل جاسم الخرافي حاضرًا في قلوب الكويتيين كرمز للوطنية والحكمة وإرثه لم يقتصر على السياسة والاقتصاد، بل امتد إلى الأخلاق والتواضع، حيث كان معروفًا بسعة صدره وتحمله للانتقادات، مما جعله “صمام أمان” للكويت في أوقات الأزمات. وتستمر ذكراه في إلهام الأجيال الجديدة، حيث أطلق اسمه على طريق رئيسي ومدرسة ثانوية، ويُشار إليه كمثال للقائد الذي جمع بين السياسة والاقتصاد والعمل الإنساني.

في الختام.. سيظل المرحوم جاسم محمد الخرافي في ذاكرة الكويتيين رمزًا للحكمة والاعتدال، حيث جمع بين النشاط السياسي كرئيس لمجلس الأمة الكويتي لأكثر من عقد من الزمان ، فضلا عن دوره كرجل أعمال بارز في قيادة مجموعة الخرافي، إحدى أكبر الشركات في المنطقة. وفي ظل ما اكتسبه من خبرات فإنه خدم وطنه الكويت بإخلاص شديد وساعد طوال حياته بحكمته ووطنيته -أمام كل أزمة- في العبور بسفينة الكويت الى بر الأمان.. رحم الله جاسم الخرافي وأسكنه فسيح جناته.

**رئيس تحرير صحيفة “الوفاق” الكويتية

مطلق المعلج الحريجي

author avatar
صحيفة الوفاق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock