
انطلقت اليوم الثلاثاء في معرض أحمد الجابر للنفط والغاز بمدينة الأحمدي أعمال الورشة رفيعة المستوى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية حول حماية البنية التحتية لقطاع النفط والغاز وإدارة الأزمات بتنظيم مشترك بين مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الارهاب وشركة نفط الكويت ومركز مجلس التعاون الخليجي لإدارة حالات الطوارئ وتستمر ثلاثة أيام.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي في كلمة مسجلة بثت خلال الورشة إن “إمدادات الطاقة من دول الخليج تمثل ركيزة أساسية للإمدادات العالمية” مبينا أنه في الوقت نفسه تسعى دول الخليج لتنفيذ خطط تنموية طموحة ما يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب المحلي على الطاقة.
وأضاف أن “العالم النامي يشهد تطورا سريعا وازديادا في الطلب على الطاقة” موضحا أنه من المتوقع أن تمثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ ما نسبته 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2040 وهي واحدة من أسرع المناطق في العالم نموا.
ولفت البديوي إلى أنه فيما يتعلق بالقارة الأفريقية فهي تنمو أيضا بمعدل سريع وتحتل المرتبة الثانية بعد آسيا من حيث معدل النمو إذ تسجل نموا سنويا بنحو 4 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح أن دول الخليج تواجه باعتبارها من أبرز موردي الطاقة عالميا ثلاثة تحديات رئيسية هي التكيف مع التحول العالمي في مجال الطاقة وتلبية الاحتياجات المحلية المتزايدة إضافة إلى حماية أمن واستقرار سوق الطاقةالعالمي.
وذكر البديوي أن أمن وسلامة أصول الطاقة في منطقة الخليج تعد من العوامل الجوهرية لصحة السوق العالمية لافتا إلى أن رؤية الأمن الإقليمي لمجلس التعاون تقوم على عدة أهداف من بينها بناء علاقات استراتيجية وشراكات إقليمية ودولية للتعامل مع مصادر التهديد والتوتر في المنطقة والعالم بما يشمل دور دول المجلس في ضمان أمن إمدادات الطاقة واستقرار أسواق النفط وتعزيز الأمن البحري وحرية الملاحة.
وأضاف أن “الهجمات الجوية أصبحت سمة بارزة ومستمرة في مشهد التنافس وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط وتشمل الترسانة الحالية من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة والتي أصبحت متاحة ليس فقط للدول بل وبشكل مقلق لبعض الجهات غير الحكومية.
وأشار البديوي إلى أن “رؤية الأمن الإقليمي لمجلس التعاون تدعو إلى تكثيف العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لمنع حصول الجهات غير الحكومية على الأسلحة والذخائر وتكنولوجيا الصواريخ الباليستية وأنظمة الطائرات المسيرة إضافة إلى تعزيز الآليات القانونية الإقليمية والدولية ومحاسبة من ينتهكون قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
وبين أن هذه الرؤية تدرك الترابط الوثيق بين أهمية موارد دول المجلس الحيوية عالميا والحاجة إلى تبني تدابير فعالة ومرنة لمواجهة التهديدات الإرهابية.
وقال إن “التطورات والصراعات المستمرة في المنطقة تشير إلى أي نزاع في الشرق الأوسط يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على ثلاثة من أصل سبعة ممرات بحرية استراتيجية في العالم وهي مضيق (هرمز) و(باب المندب) وقناة (السويس)”.
وأكد البديوي أن النزاعات الحالية لا تهدد فقط سلاسل الإمداد العالمية بل تؤثر أيضا على مشاريع التنمية الوطنية والعابرة للحدود مثل مشاريع الربط بين الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط التي تعتمد على المرور الآمن عبر بلاد الشام والبحر الأبيض المتوسط وكذلك مشاريع تطوير الطاقة في شرق المتوسط.
وبدوره قال وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف في كلمة مسجلة مماثلة أن اجتماع اليوم يعد في وقت يشهد تزايد التحديات الأمنية العالمية بشكل متسارع مبينا أن “الجماعات الإرهابية تدرك تماما الآثار الخطيرة لتعطيل أنظمة الطاقة وهي آثار تتجاوز بكثير مجرد انقطاع الكهرباء”.
وأضاف أن “الهجوم الناجح الواحد يمكن أن يعرقل أنظمة الرعاية الصحية ويشل حركة النقل ويوقف إمدادات المياه ويهدد الأمن الغذائي “وهذه التأثيرات سريعة وواسعة النطاق ومزعزعة للاستقرار”.
وأكد فورونكوف أن المجتمع الدولي كثف استجابته ومن ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2341 الذي شدد على أهمية حماية البنية التحتية الحيوية حيث ينص القرار على دعوة الدول الأعضاء إلى تجريم الهجمات التي تستهدف تعطيل الخدمات الأساسية إلى جانب التخطيط والتمويل والدعم الموجه لتنفيذ مثل هذه التهديدات.
وأفاد بأن قرار الجمعية العامة رقم 77298 أدان بشكل صريح الأعمال الإرهابية ضد منشآت الطاقة ودعا إلى تعزيزالتعاون بين الحكومات والهيئات الدولية والقطاع الخاص في هذا السياق.
وأوضح أن مجلس الأمن أطلق الدليل الفني لحماية البنية التحتية الحيوية للطاقة من الهجمات الإرهابية والذي تم تطويره بدعم من روسيا وتركمانستان لافتا إلى أن هذا الدليل هو ثمرة أبحاث مكثفة واستشارات دولية وخبرات الأمم المتحدة العالمية لحماية الأهداف الحساسة إلى جانب فريق العمل المعني بالتهديدات الناشئة وحماية البنيةالتحتية.
ومن جانبها أكدت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم للأمم المتحدة لدى دولة الكويت غادة الطاهر في كلمتها خلال الورشة أن هذا اللقاء يوفر فرصة حاسمة لتنظيم الممارسات السليمة وتبادل الخبرات التشغيلية وتسليط الضوء على التقدم الملحوظ الذي أحرزته دول الخليج في تطوير أطر أمنية شاملة على الصعيدين الإقليمي والوطني.
وأعتبرت الطاهر أن دول الخليج وعلى مر عقود من الزمن كانت “حجر الزاوية” في أمن الطاقة العالمي والتنميةالمستدامة بصفتها موطنا لاحتياطيات هائلة من النفط والغاز الطبيعي إذ تؤدي دورا حاسما في ضمان إمدادات طاقة مستقرة لجميع أنحاء العالم.
وقالت إن “البنية التحتية للنفط والغاز تواجه الآن تحديات غير مسبوقة من الإرهابيين العازمين على تقويض السلام والازدهار الدوليين واستغلالهم نقاط الضعف في منشآت وشبكات الطاقة بهدف تعطيل الإمدادات وإلحاق الخسائر وتضخيم نطاق وصولهم عبر وسائل الإعلام العالمية”.
وأضافت أن ماتشهده المنطقة من وضع أمني معقد بشكل متزايد يتطلب ضرورة الإسراع وتكامل الجهود لمواجهة هذه التهديدات المتطور مؤكدة أنها مهمة مشتركة لا تقتصر على الحماية المادية فقط “بل تشمل كذلك الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي وصون الأمن البشري وحماية بيئتنا الطبيعية”.
ومن جهته قال رئيس مركز مجلس التعاون لإدارة حالات الطوارئ الدكتور راشد المري إن “الاجتماع يمثل فرصة مهمة لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون المشترك بهدف حماية البنية التحتية المرتبطة بقطاع النفط والغاز بإعتباره أحد أهم القطاعات الحيوية لدى دول مجلس التعاون الخليجي”.
وأوضح المري أن منشآت الطاقة في دول مجلس التعاون “ليست مجرد منشآت إنتاج بل هي عماد اقتصادنا ومصدر رئيسي لدخل دولنا وأداة توازن مهمة في الأمن الإقليمي والدولي”.
وأكد ضرورة رفع مستوى الجاهزية وتضافر الجهود لحماية المنشأت الحيوية في ظل التحديات المتزايدة الناجمة من تهديدات مباشرة مثل الهجمات الإرهابية أو السيبرانية أو غير مباشرة نتيجة التوترات الجيوسياسية.
وذكر المري أن المركز يعمل كحلقة وصل بين الدول الأعضاء لتنسيق الاستجابة الجماعية وتحليل المخاطر وتطوير آليات فاعلة للتعامل مع الأزمات خاصة تلك التي تتجاوز الحدود.
وبين أن المركز تمكن من تطوير خطة طوارئ إقليمية شاملة تغطي 13 نوعا من المخاطر بما في ذلك ما يتعلق بأمن المنشآت الحيوية للطاقة مبينا أن المركز لا يعمل بمعزل عن العالم بل يؤمن بالشراكة والتكامل.
وأشار المري إلى التعاون الوثيق مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بهدف تطوير القدرات من خلال الدليل الفني لحماية البنية التحتية للطاقة وكذلك تنظيم ورش عمل وتدريبات مشتركة مع الشركاء الدوليين.
وبدوره شدد نائب الرئيس التنفيذي للتجارية والخدمات المشتركة بشركة نفط الكويت مساعد الرشيد في كلمته على أهمية تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية من أجل تعزيز أمن الملاحة البحرية في المنطقة لضمان استمرارية امدادات الطاقة في شتى الظروف.
وقال الرشيد إن “الاستجابة لحالات الطوارئ في المنشآت النفطية لم تعد تقتصر على التعامل مع حوادث صغيرة أو بعض الحرائق في المنشآت بل أصبحنا نتعامل مع مجموعة كبيرة من المخاطر والتحديات وفي صدارتها المخاطر الجيوسياسية التي أظهرت الأيام الماضية مدى جسامتها إلى جانب المخاطر الأمنية والصناعية والطبيعية ومخاطر السوق الأخرى”.
وأضاف أن “الاجتماع يعقد في وقت شديد الاهمية في ظل التطورات الإقليمية غير مسبوقة وعالية الخطورة التي ألقت بظلالها على دول المنطقة وما يصاحب صناعة النفط والغاز من تحديات جسيمة”.
ولفت الرشيد إلى دور دول الخليج العربي المحوري في إمداد العالم في الطاقة إذ اظهر تقرير أصدره المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي في فبراير الماضي أن إنتاج دول المجلس من النفط الخام بلغ حوالي 17 مليون برميل يوميا في عام 2023 بما يعادل نحو 2ر23 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي من النفط الخام.
وأفاد بأن التقرير أظهر أيضا أن احتياطيات دول المجلس من النفط الخام بلغت في ذات العام نحو 9ر511 مليار برميل ما يشكل نحو 6ر32 بالمئة من إجمالي الاحتياطي العالمي.
وأوضح أن هذه البيانات الموجزة تظهر حجم الدور المحوري الذي تؤديه أصول الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي في ضمان استقرار السوق العالمي وما توليه دول المجلس من أهمية قصوى لحماية مؤسساتها النفطية والحفاظ على أمنها وسلامتها والتعامل مع جميع التهديدات والتحديات التي تواجهها.